إياكم والرأي الفطير

     و الرأي الفطير كما يعرفه العرب هو القول بالري الغير ناضج . اسرد هذا المثل للتنبيه لخطورة ما يدعوا إليه البعض من المتأثرين بالحضارة الغربية هؤلاء الذين يشيعون بأنه لا خلاصة لنا من التخلف الاجتماعي الذي ورثه المجتمع العربي الليبي عن الماضي من أساطير و خرافات , إلا الأخذ بحضارة الغرب داعين من خلال فكرتهم هذه لتجديد ( ذاتنا ) على نمط ما يدعون إليه و بالرغم من إن حرية الرأي مكفولة في الجماهيرية العظمي خصوصاً إذا كان الرأي صائبا و يفيد الجميع , أما إذا كان مجرد رأي ( فطير ) فهذا رأي شخصي كالمطالبة ( بالتجديد ) تقليدا لما هو قائم في الغرب أو الشرق , يجب التصدي له و قد حان الوقت لتجاوز المسلمات في هذا الموضوع .
فنحن في الجماهيرية العظمي لسنا في حاجة لأن يقول لنا القائلون بأننا في وضع تكنولوجي يتطلب منا التجديد فهذه مسلمة .
كما أننا لسنا في حاجة لأن يقول لنا القائلون بأن التجديد يعني المعاصرة و مسايرة روح العصر .. فهذه مسلمة أيضاً .
و لسنا في حاجة لأن يقول لنا القائلون أو يوهموننا بأن التجديد لا يعني أن نترك ما درجنا عليه من أصول حضارية قومية و وطنية و دينية و فكرية و تراث أصبح إنسانيا فهذه مسلمة ,..
لكننا في حاجة ماسة لمن يقول لنا بأن التجديد الغير(ذاتي) يعني السقوط في التقليد أي تقليد أنماط أخري لا تمد لنا بصلة .. كالنمط (الليبرالي ) بتحكم الرأسمالية فيه .. بتوجيهها الاقتصادي و الفكري و العلمي و الاجتماعي و بنظام حياتها الاستهلاكي و بذوبان الإنسانية فيه و ذوبان كرامة الإنسان في مجال المنافسة و الصراع و مزاحمة الأكتاف و ذوي السلطان و طغيان المال و الغلبة للأقوى وهو (نموذج ) يطالب من يسمون أنفسهم بالمتفقهين أن نحتذي به لا لشيء إلا لأنه .. جديد .. أو لأن المجتمعات القائمة عليه مجتمعات كما يقولون يقل فيها البؤس بالمعني ( الشمولي ) أو المعنى العام للبؤس الناتج عن عدم قدرة الإنسان لتوفير حاجاته الضرورية لكن ذلك لا يجرنا إلا للوقوع في التقليد و هو ما يجب رفضه والتصدي له . ونموذج آخر يعيشه الكثيرون في العالم على نظام آخر في الحياة . الإنسان فيها مجرد ألة يفكر له فيها من يتولون أمره.ثم يجبر على السير على تخطيط ما فكروا له فيه ويساق للعمل وهو مجبر يبحث عن إرادته في العمل فلا يجدها وعن شخصيته فلا يجدها أيضاً فيه وعن اختياره لهذا العمل أو ذاك فلا يجده . نموذج يخطط فيه لحياة الإنسان وفق رغبة من يتقلدون أمره نموذج يفتقد فيه الإنسان ذوقه وحريته ومع ذلك فهو مجبر على أن يحياه لأنه ليس أمامه غيره . فهل نتحدى هذا النموذج لمجرد أن المجتمعات القائمة عليه تحررت من البؤس بمفهوم خاص للبؤس هو في نظر المتفقهين من من يسمون أنفسهم بالمتقدمين "مثلاً" (أعلى يجب أن نقتدي به) في التجديد الذي يدعون إليه.
وهذا وبكل صراحة ومصداقية لا يتعدى كونه سقوط في التقليد . لان التجديد يتطلب شيئاً أخر غير أن يصبح الإنسان نموذجاً لإنسان أخر والفكر نموذجاً لفكر أخر.
*التجديد ليس شعارا يرفعه البعض دون وعي لمجرد تأثرهم بأفكار الغير وحضارات الغير أو لنوكد بأننا نسعى لنحلق بهم ونكون مثلهم.
*التجديد أيها السادة تخطيط عملي نريد منه أن نكتسب الأسس التي يقوم عليها في منطقة وتقنياته وعلومه التجريبية والنظرية دون أن يقف أمامناً أي عائق ولكن بشرط أن نحتفظ بأصالتنا وهويتنا القومية والوطنية والقارية والدينية لأنها كيانات لذات .
*التجديد يا سادة ليس معناه أن نتجرد من ماضينا وقيمنا وديننا لنكون على شاكلة غيرنا كقرود مقلدة أو كلاباً مصابة بالصم تنبح كلما رأت الآخرين يتثاءبون.
*التجديد يعنى أن لا نتخلى عن ذاتيتنا وخاصيتنا وأصالتنا وحريتنا في الاختيار في ما يطور فكرنا " ونظريتنا المتجددة النابعة من عبقريتنا وتراثنا العقائدي والفني والأدبي " .
هذا هو التجديد الذي نريده والذي يجب أن يكون تجديد نصبح معه بناة فكر متجدد لعقل حديث .تجدنا فيه بذاتيتنا وتجدنا فيه كمسلمين وتجدنا فيه كمغاربة . وتجدنا فيه كإفريقيين . تجديد تجدنا فيه بإنسانيتنا وقوميتنا ولغتنا وديننا ووطنيتنا . ولا تجد قروداً تمثل دون عقل ولا وعي .. ولا كلاباً طرشاً تنبح كلما رأت الآخرين يتثاءبون .
*فهل بهذا تراني بهذا القول قد سقطت في مسلمة من المسلمات التي قلت إننا لسنا في حاجة لمن يؤكدها . أظن ذلك.
*لكن ذلك ناتج عن رغبة جامحة في المطالبة بالابتعاد عن التقليد الإيماني بأن التقليد يعني الوقوف تم الأنهيار.
فهل بعد ذلك كله نجد من ينادي بأن نجدد نفسنا على شاكلة الغير .إن حدث ذلك فإياكم إياكم والرأي الفطير.